الوضعية العامة لشجر الأركان بالمغرب
الأركان والتشكيلات الغابوية بالمغرب :
يعد الأركان من بين إحدى أهم التشكيلات الغابوية التي ينفرد بها الجنوب الغربي للمغرب ، بحيث يعتبر من الأصناف الشجرية الجد متميزة وهو موروث عن الزمنين الجيولوجيين الثالث والرابع.
بالإضافة إلى أنه استطاع التأقلم مع كل التغيرات المناخية والبيئية التي طرأت على مستوى المجال الذي يتواجد به . وعموما يتوفر المغرب على غطاء نباتي تقدر مساحته بحوالي 5813860 هكتار 24 ، و يتميز باختلاف الأصناف النباتية المكونة له .
وبذلك يشكل الاركان نسبة مهمة تقدر بحوالي 823300 هكتار ، أي بنسبة 14.25 % ، من مجموع المساحة الغابوية بالمغرب ، وبالتالي فهو يحتل المرتبة الثانية في الترتيب من حيث المساحة بعد البلوط الأخضر في المرتبة الأولى . وتلعب غابة الأركان دورا هاما داخل المجالات التي تستوطنها .
بحيث يتمثل هذا الدور في المحافظة على التوازن البيئي بجميع أشكاله ومظاهره من تنوع بيولوجي وتعايش لأنواع وأصناف نباتية وحيوانية بالإضافة إلى حماية الأتربة من الانجراف والحد من خطر التصحر .
التوزيع الجغرافي لغابة الأركان :
فيما يخص التوزيع الجغرافي لغابة الاركان، فيمتد مجالها بين خطي عرض ° 29 و 329 شمال خط الاستواء مع وجود بعض التجمعات الصغيرة والمنعزلة في الشمال الشرقي للمغرب بكتلة بني يزناسن ، وتواجد بعض الشجيرات بالقرب من جبل الوارکزيز .
وحاليا تمتد غابات الأركان على شريط ساحلي ينطلق في الشمال من مصب تانسيفت إلى حدود كلميم في الجنوب الغربي حيث يعرف انتشارا كثيفا بالقرب من واد سوس ، حيث أن درجة تغطية السطح بهذا المجال مرتفعة نسبيا بالمقارنة مع المجالات الأخرى.
كما تتوزع مساحة مهمة أيضا داخل سهل سوس ، أي حوالي 100 كلم من المحيط كما يغطي أيضا القسم الجنوبي للأطلس الكبير وكذا القسم الشمالي للأطلس الصغير إلى حدود الكتلة البركانية لجبل سروا في الشرق ، حيث تمتد حدوده الشرقية إلى حوالي 250 كلم داخل الأطلس الكبير و 190 كلم بالأطلس الصغير.
أما عن الحدود الجنوبية الشرقية فيحدها واد نون الظروف الطبيعية لنمو الأركان : يمكن تفسير استقرار شجر الأركان في الجنوب الغربي للمغرب دون غيره من المناطق الأخرى المجاورة سواء داخل المغرب أو خارجه بالظروف البيئية لهذا المجال.
ويمكن جرد هذه الظروف فيما يلي : لا يمكن حصر نمو الأركان فوق تربة محددة ، ذلك أنه ينمو فوق كل الأنواع من التربات تقريبا وحتى الهزيلة منها التي تنتشر فوق السفوح والمنحدرات الشديدة .
باستثناء الرمال المتحركة التي تعد عائقا كبيرا أمام تطور شجرة الأركان ، ومنه يمكن القول أن الأركان يستطيع التأقلم والنمو في مجموعة من التربات المختلفة من حيث الطبيعة الصخرية سواء السيليسية أو الكلسية المتشكلة خلال الزمن الجيولوجي الثالث ، أو التوضعات الكلسية خلال الرباعي أو الشستية الموروثة عن الزمن الجيولوجي الأول.
يلعب عامل الارتفاع دورا مهما في نمو وتطور شجرة الأركان ، وفي الغالب ما يتحدد النطاق البيئي للأركان بين 0 و 1500 متر من سطح البحر ، حيث أنه بعد هذا الارتفاع تتلاشى تدريجيا .
أما فيما يخص النطاق الفعلي للأركان فهو بين 200 و 700 متر من مستوى سطح البحر 27 ، وغير ذلك فهو عبارة فقط عن تجمعات استثنائية على شكل شجيرات مشتتة ومتفرقة المناخ ، الأركان يدخل ضمن الأصناف النباتية التي تتميز بمقاومتها للحرارة المفرطة والجفاف.
تنتشر شجرة الاركان في الأوساط الجافة والشبه الجافة ، بحيث يمتد على المحيط الأطلنتي من جنوب مدينة آسفي حتى أكادير ويتوغل إلى الداخل حتى حدود 60 كلم ، ويصل متوسط معدل التساقطات المطرية السنوية في هذه المجالات إلى ما يقارب 300 ملم في السنة ، في حين درجة الحرارة تصل في الشهر الأكثر برودة إلى ما يزيد عن 70 درجات.
هذا فيما يخص المجال الشبه الجاف . بينما المجال الجاف يضم ثلث امتداد غابات الأركان ويضم سهل سوس والأطلس الصغير ، يتذبذب فيه معدل التساقطات السنوية بين 100 و 300 ملم 2 ، ومعدل الحرارة المتوسطة خلال الشهر الأكثر برودة يتأرجح ما بين 30 و 37 درجات .
وعموما فخصوصيات الأوساط التي تشغلها غابات الأركان هي التي تحدد أنواع التشكيلات النباتية المرافقة لها والتي تتباين من مجال بيوجغرافي لأخر مرفلوجية وبنية شجرة الأركان : تتميز شجرة الأركان ” Argania Spinoza ” بتركيبتها الجينية .
إذ أن هذه الأخيرة هي المسؤولة عن قدرتها الكبيرة على احتواء الإكراهات التي خضعت لها منذ فترة استيطانها بالمغرب وعلى العكس من باقي الأصناف الغابوية الأخرى فإن غابات الأركان تتميز بتنوع مشاهداها حيث تغطي السهول الخصبة والسفوح الرطبة ، أشجار لها شكل نحيل وفي المجالات الجبلية.
تتميز بلونها الأخضر الداكن وبأغصانها المنحنية نحو الأسفل ، أما فيما يخص المجالات الساحلية فإنها تحني جذوعها في اتجاه هبوب الرياح ، وتتميز بإنتاجها الوفير مقارنة مع غابات المجالات الأخرى .
وبصفة عامة أينما كان مجال انتشار أشجار الأركان فإن هذه الأخيرة تتميز بجذوعها القصيرة القامة والملتوية الشكل ، وهي جد بطيئة النمو إذ يتراوح معدل نموها ما بين 1.80 و 35 سنتمتر في السنة الواحدة .
أما عن الأشجار التي يتراوح قطر جذوعها ما بين 35 و 40 سنتمتر فقد تبلغ من العمر 125 إلى 150 سنة ، وتيرة نموها خاضعة لوفرة الموارد المائية وليس للمدى الزمني . وفي هذا الإطار فإن أقصي تعمير لهذه الأشجار يقدره الباحثين بحوالي 250 سنة والبعض الآخر ب 5 قرون.
وتتميز أغصانها بالصلابة وتكسوها قشور خشنة وصلبة وأوراقها دائمة الاخضرار يتراوح طولها ما بين 2 و 3 سنتمتر ولا تسقط طول السنة إلا في حالة تواتر سنوات جفاف قاسية.
One Reply to “الوضعية العامة لشجر الأركان بالمغرب”